ضحايا هالة سرحان(هالةشو)

وسط الضجة المثارة حول أزمة برنامج قدمته الإعلامية هالة سرحان حول " فتيات الليل في مصر" ، وتباين الاتهامات بين من يؤكد أنها " فبركت" البرنامج من خلال الاستعانة بموديلات تم تلقينهن معلومات عن بائعات الهوى مقابل 400جنيه لكل فتاة، وبين تأكيدات أخرى بان الفتيات اللواتي ظهرت في البرنامج هن أصلا بنات ليل، ثمة أسئلة غائبة ينبغي طرحها لأنها تكشف عيوبا جوهرية في المجتمع المصري
السؤال الأول هو عن الدوافع التي جعلت فتيات أو سيدات يقبلن أداء هذه المهمة الصعبة وتمثيل دور بنات الليل على انه حقيقة،وإحدى هؤلاء زوجة دخلت بيت الزوجية قبل أسبوعين فقط ، فإذا بها أمام فضيحة من العيار الثقيل أمام زوجها وأهلها وجيرانها على حد قول أماني ، وهي التي فجرت القضية، لان زوجها عرف صوتها وملامحها في البرنامج ،وبدت أمامه في أسوأ صورة لأنها متهمة بما ليس فيها.
لقد وصل بنا الحال أن فتاة تمثل هذا الدور القذر مقابل 400جنيه مصري ، أي 40جنيه إسترليني ، أو 75 دولارا،وهو مبلغ زهيد يكفي لشراء وجبة طعام سريعة لفردين ،.فهل سمعة البنت تعادل سندوتشين "تيك اواي"؟
أين حكومة الحزب الوطني التي تصدعنا ليل نهار بالوعود عن الرخاء بينما تتجه البلاد نحو تايلاند أخرى حيث شرف البنت مثل علبة كبريت يشتعل أكثر من عشرين مرة.
لاشك أن المجتمع المصري يتدهور أخلاقيا بسبب الفقر الذي يهدد كيان الأسرة ومنظومتها الأخلاقية، ولولا الثقافة الدينية عند الناس أو ماتبقى منها لأصبحنا في خبر كان.
السؤال الثاني هو عن سبب نجومية هالة سرحان، وانتقالها من هذه المحطة غالى تلك وهي تتحصل على اعلى الرواتب ، واللهم لاحسد ، لكن هل يعود ذلك إلى كفاءتها أم جرأتها واقتحامها المساحات المعتمة في المجتمع أم فبركتها وتجاوزها لأخلاقيات المهنة وتحويلها برامجها إلى برامج صفراء ؟!
الواقع أنني لست من المعجبين بهالة شوأوهالة سرحان ،ولا بهذا النمط المصطنع من الإعلام المثير الذي لايربي ثقافة ولا يشجع على حوار وإنما يغيب العقل ، لكن مثل هذه البرامج تلقى ترحيبا من الحكومة " أي حكومة سواء في مصر أو السعودية" أكثر من البرامج الجادة التي تمس هموم المصريين، بدليل انتشار المحطات التي تروج للتفاهة والإثارة على حساب المحطات السياسية والثقافية التي تجد عشرات العراقيل والموانع من حكومتنا الرشيدة.للحيلولة دون انطلاقها .
يبقى سؤال عن المشاهدين المساكين الذين رغم إعجابهم لبرامج جادة وناجحة مثل برامج رولا خرسا، بعض البرامج الحوارية وأبرزها حالة حوار للزميل عمرو عبد السميع أو برنامج " أتكلم","حوار مع مسؤل" إلا أن ذوق المتلقي تعرض للإفساد في العقود الثلاثة الماضية وبخاصة مع ظهور المحطات الفضائية التي تروج لثقافة التفاهة والهيافة والرقص ، وتصنع من هيفاء وهبي نجمة مجتمع، بينما محمود أمين العالم بكل شموخه وأثره في الثقافة العربية لايجد من الدولة وهو على سرير المرض سوى التجاهل , ومن هنا نقول أن هالة سرحان جنت على كثيرين ببرامجها أل"شو" لكنها في الأساس مجني عليها من نسق ثقافي يروج الغث ويمنع الثمين.